في ظل ارتفاع موجة التفاؤل حول إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، تم تحديد موعد محتمل لإبرام “التسوية” خلال الساعات القليلة المقبلة، قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المزمع عقدها يوم الثلاثاء. خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من اجتماع مع المبعوثين الأميركيين آموس هوكستين وبريت ماكغورك، ليشدد على أهمية “ضمان أمن إسرائيل” في أي اتفاق يتم التوصل إليه، مشيرًا إلى ضرورة “منع أي تهديد” من لبنان في المستقبل.

بعد بضع دقائق، استخدم نتنياهو خطابًا أمام ضباط جدد في الجيش الإسرائيلي لتوضيح أفكاره، حيث صرح بأنه لا يحدد موعدًا لنهاية الحرب، ولكنه يضع “أهدافًا واضحة للانتصار فيها”. وقلل من أهمية القرار الدولي 1701 مقارنةً بمنع إعادة تسليح “حزب الله”، الذي اعتبره أمرًا أكثر إلحاحًا بالنسبة لدولة الاحتلال.

في حين لم يعبر نتنياهو عن إدانته بشكل مباشر للاتفاق الذي بدا للكثيرين أنه وشيك، والذي أبدى “حزب الله” مرونة تجاهه كما أشار أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، الذي رحب في خطابه الأول بإمكانية الاتفاق إذا كانت شروطه ملائمة للحزب ولبنان.

ومع ذلك، يثير المشهد الحالي تساؤلات حول مدى جدية هذا التفاؤل في الوصول إلى اتفاق دائم. بعض الخبراء يرون أن الحراك الدبلوماسي الحالي حول لبنان يمكن اعتباره “جدياً”، ويعكس رغبة مشتركة من جميع الأطراف في تجنب إطالة فترة الصراع.

المؤشرات تشير إلى أن هناك تحركات من الجانب الإسرائيلي تدل على التوجه نحو التسوية، سواء عبر التسريبات الإعلامية عن “مسودة الاتفاق” أو تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول قرب انتهاء عملياتهم العسكرية في لبنان. وتتحدث معلومات عن “إجماع” داخل الحكومة الإسرائيلية على تحقيق الأهداف العسكرية المطلوبة.

بينما يظل نتنياهو متشدداً في موقفه، إلا أن البعض يعتبر أن استقباله للمبعوثين الأميركيين كان بمثابة “نزول عن الشجرة”، في إشارة إلى تحقيق بعض التقدم في المفاوضات. في الوقت نفسه، هناك تفاؤل متزايد بمرونة موقف “حزب الله”، الذي يبدو أنه أقل تمسكًا بالشروط المعقدة التي كان يطرحها سابقًا.

لكن، المعركة انتقلت من “إسناد غزة” إلى “التصدّي للعدوان”، مما يفتح المجال لمقاربات جديدة قد تساهم في التوصل إلى اتفاق نهائي، خاصةً مع منح التفويض لرئيس مجلس النواب نبيه بري، بحسب ما يعتقده البعض.

مع ذلك، ورغم كل المؤشرات الإيجابية، على الأرض هناك تداعيات سلبية، حيث كثف الجانب الإسرائيلي عمليات القصف على لبنان في الوقت نفسه مع زيارة المبعوثين الأميركيين، مما يثير مخاوف من أن نتنياهو يسعى لمفاوضات “تحت النار”، رافعًا بذلك مستوى الضغط على “حزب الله”.

البعض يؤكد أن نتنياهو يفضل الانتظار حتى “الثلاثاء الأميركي” قبل اتخاذ أي خطوات جادة نحو الاتفاق، إذ لا يريد منح أي “هدية مجانية” للإدارة الأميركية الحالية قبل الانتخابات. ويعتبر العديد أن الوضع يتسم بالتعقيد، وأن أي تبعات ستمتد إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، لكنها ستبقى تحت سيطرة نفس العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

في النهاية، كان من الواضح أن موجة التفاؤل التي ظهرت مؤخرًا قد تتبدد بعد زيارة الموفدين الأميركيين إلى تل أبيب، حيث لم يتم تحديد أي زيارة لبيروت، لكن الكثيرين يشعرون بأن ما بدأ سيُستكمل، وأن إسرائيل قد تكون مستعدة لاتفاق شامل قريبًا إذا استمرت الضغوط من “حزب الله”.