على عكس التوقعات المتزايدة التي تم تداولها خلال الأسابيع الماضية، جاء الهجوم الإسرائيلي على إيران ضعيفًا بشكل ملحوظ. ورغم أن الإسرائيليين أعلنوا عن استهداف “أهداف محددة” بدقة، إلا أن المواقع النفطية والحساسة لم تكن ضمن تلك الأهداف. من جانبهم، أبدى الإيرانيون استعدادهم لـ”ردّ حتمي” على الهجوم، في وقت اعتبروا فيه الهجوم “محدودًا”.
تداولت الأوساط السياسية ما يشبه “المسرحية” أو “التمثيلية”، خاصة مع التسريبات الغربية والإسرائيلية التي زعمت أن تل أبيب أبلغت طهران مسبقًا بموعد الهجوم وطبيعته، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كان هذا الهجوم مدعومًا بضمانات أمريكية لمنع ردّ إيراني.
الهجوم، الذي جاء بعد فترة من التهويل الإعلامي الكبير، تزامن مع تحركات دبلوماسية لافتة. تم إحياء المفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة في العاصمة القطرية الدوحة، فيما تولى المبعوث الأمريكي آموس هوكستين العودة إلى المنطقة، مُحاولة لتعزيز الاتفاقات مع تل أبيب بعد زيارته الأخيرة لبيروت.
ورغم استمرار المجازر الإسرائيلية، والعمليات اليومية التي تستهدف مناطق جديدة، إلا أن العديد من الأوساط السياسية أبدت تفاؤلًا بشأن انتهاء الأوضاع المتوترة بالتزامن مع اقتراب الانتخابات الأمريكية. فهل يمكن أن يكون هذا التفاؤل مُبررًا حقًا؟
يجدر بالذكر أن هذا الهجوم الإسرائيلي جاء مليئًا بالرسائل المتناقضة. فقد أوحى بوجود توافق ضمني بين جميع الأطراف على الحفاظ على مستوى التكلفة الحالية للحرب، وعدم الانزلاق إلى صراع إقليمي شامل.
من المؤكد أن هذا الهجوم جاء مدفوعًا بالضغوط الأمريكية، حيث سعت واشنطن إلى إقناع الإسرائيليين بعدم التصعيد في الهجوم، وبقاء الهجوم ضمن الحدود التي لا تمس بالبرنامج النووي الإيراني.
ومع ذلك، يثير هذا النجاح الأمريكي علامات استفهام، فهل تشير هذه الأحداث إلى رغبة إسرائيل في تسوية الوضع، أم أن هناك أهدافًا أخرى مخفية وراء هذه العملية ستظهر بشكل أكبر مع اقتراب الانتخابات؟
بعض المراقبين يرون أن إسرائيل قد تكون أكثر انفتاحًا على التفاوض، حيث يظهر أن هناك نية لفتح قنوات جديدة للتفاوض، خاصة تجاه غزة. كما يبدو أن الإسرائيليين لا يمانعون في الوصول إلى تسوية تتماشى مع تطلعاتهم في لبنان.
رغم كل هذه التحركات، لا يُظهر الوضع أن الحرب أوشكت على نهايتها، حيث لا يزال هناك تردد في الجانبين. يعود هذا إلى أن معظم أحزاب المعارضة في إسرائيل تشكك في جدية أي تهدئة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات. بينما يبقى الوضع السياسي والإقليمي محوريًا حتى يتسلم الرئيس الأمريكي الجديد مقاليد الحكم بداية العام المقبل، مما يبقي كل الاحتمالات مفتوحة.