في ظل التصعيد الأخير للعدوان الإسرائيلي على لبنان، بدأت العديد من الجهات، سواء المحلية أو الدولية، في اعتبار أن هناك فرصة لإجراء انتخابات رئاسية جديدة. هذا الأمر دفع تلك الجهات إلى زيادة الضغوط لتحقيق هذا الهدف، خاصة مع شعورهم بأن “حزب الله” تعرض لضغوط كبيرة، مما يجعله مرجحًا لتقديم تنازلات سياسية، وعلى رأسها تسهيل عملية انتخاب الرئيس الجديد، خاصة أن الترشيح المطروح يتضمن تجاوز مرشح “حزب الله”، سليمان فرنجية، رئيس تيار “المردة”.

بعد الخطاب الافتتاحي لنائب أمين عام “حزب الله”، الشيخ نعيم قاسم، والذي جاء قبل أن يؤكد الحزب قدرته على استعادة قوته العسكرية، أصبح واضحًا أنه لن يكون هناك أي نقاش بشأن الملفات السياسية قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. الجميع يدرك أن أي مفاوضات قبل هذه الخطوة ستعكس رغبات معينة في التعامل مع الحزب كطرف أضعف، أو تهدف لإجباره على تقديم تنازلات.

في السياق ذاته، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر “النشرة”، إلى أن الآمال في انتخاب رئيس جديد قبل وقف إطلاق النار لا تزال قائمة، رغم تراجع هذه الآمال في الأيام الأخيرة، بعد أن أثبت “حزب الله” قدرته على التمسك بمواقعه خلال المواجهات البرية، بالإضافة إلى الانتقال إلى مرحلة جديدة في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه المستعمرات. ومع ذلك، تطرح المصادر سؤالًا إن كان انتخاب شخص محدد قد يؤدي إلى وقف إطلاق النار.

ترى هذه المصادر أن هذا الطرح غير منطقي، بالرغم من دعم جهات خارجية له. حيث تجد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لا ينظر للأمر من هذا التقليد، بل لديه أهداف استراتيجية يسعى لتحقيقها، ولن يتجه لوقف الحرب حتى يحقق تلك الأهداف أو يصل إلى قناعة أنه غير قادر على ذلك.

من الناحية الميدانية، كانت الظروف في الأسابيع الأخيرة قد أدت إلى ضبط الأهداف التي تحدثت عنها بعض الجهات الرسمية في إسرائيل، وذلك من المتوقع أن يتضح أكثر في الأيام المقبلة، خصوصًا إذا استمرت الأوضاع كما هي، أو تمكن “حزب الله” من زيادة مستوى النشاطات العملياتية.

وفي هذا الإطار، توضح مصادر نيابية من قوى الثامن من آذار، عبر “النشرة”، أن البعض كان يعتقد أنه يمكن أن يفرض رئيسًا على فريقهم السياسي بحجة أن البلاد تتجه لمرحلة جديدة وضرورة التعامل مع هذا الفريق كطرف “مهزوم”. لكن هذه المصادر تشير إلى أن تلك الأطراف، كما هو معتاد، أسرعت إلى اتخاذ قرارات دون الانتظار لما يمكن أن تحققه إسرائيل على المستوى العسكري، خصوصاً في العمليات البرية.

ختامًا، ترى هذه المصادر أنه تمامًا كما هو الحال في الميدان العسكري، تظل الطروحات السياسية تحت السيطرة، لذا تبقى الأوضاع بالنسبة لجميع الأسماء المرشحة كما هي، حيث تتمتع بعض الأسماء بدعم أكبر في أحيان معينة ثم تفقد هذا الدعم، لكن الأساس يبقى أن الملف السياسي لن يُفتح بجدية قبل وقف إطلاق النار، كما أن أي انتخابات رئاسية لن تتم إلا بتوافق سلس بين معظم الأطراف، وتضيف “من يعتقد عكس ذلك لا يدرك حقيقة التركيبة اللبنانية، كما أنه يغفل أن الظروف الميدانية تجعل من الصعب تغيير الواقع”.