تشهد لبنان تصعيداً عسكرياً غير مسبوق بعد نشوب حرب شاملة مع إسرائيل قبل أسبوع، حيث أدت الأحداث إلى تدمير واسع للبنية التحتية في مناطق مثل الضاحية وبعلبك والبقاع والجنوب. ورغم الخسائر البشرية والتهجير القسري، هناك مخاوف جدية بشأن التأثيرات الضارة التي قد تواجه الاقتصاد اللبناني الذي يعاني منذ سنوات. في حال استمرت الحرب، فمن المتوقع أن تزداد الأوضاع سوءًا، مما قد ينعكس على قيمة الليرة اللبنانية. فهل هذه المخاوف واقعية؟

كل الأحداث الأخيرة تذكرنا بما حدث منذ عدة سنوات، وبالتحديد بعد الاحتجاجات في عام 2019، حين بدأت الليرة تتراجع بصورة كبيرة أمام الدولار، ليعاني اللبنانيون من تقلبات حادة. وصلت قيمة الدولار إلى نحو 120 ألف ليرة، قبل أن تنخفض إلى حوالي 89700 ليرة قبل رمضان 2023، حيث استقرّت العملة على هذا السعر منذ ذلك الحين. يبقى السؤال الأهم هل هناك بالفعل خطر على الليرة اللبنانية؟

أكدت مصادر مطلعة في حديثها إلى “النشرة” أن “العملة الوطنية لم تعد مستخدمة في الاقتصاد، وبالتالي فإن سعر الصرف لا يعكس النشاط الاقتصادي الحالي، حيث يعتمد التداول على الدولار في الأسواق”. وأشارت المصادر إلى “أن اعتماد الاقتصاد على التعامل النقدي يثير تساؤلات حول احتمال وجود عمليات تبييض أموال”. وأوضحت أن الأحداث الجارية ستؤثر بلا شك على تصنيف لبنان الائتماني وكذلك على الليرة، حيث أن مجموعة العمل المالي الدولية، لا تتأثر بالاضطرابات العسكرية والسياسية، مما يعني أن تصنيف لبنان المالي على اللائحة السوداء أمر مؤكد.

وأضافت المصادر “إذا واجه لبنان خفضاً في تصنيفه الائتماني، سنواجه تحديات عديدة، أبرزها صعوبة التعامل مع المصارف المراسلة. ولكن يبدو أن هذه المصارف قد قبلت التعامل مع البنوك عبر مصرف لبنان، مما يعني أنه قد يتطلب الحصول على موافقة مسبقة من البنك الدولي لفتح اعتمادات”.

وتوقعت المصادر أيضاً أن “يلعب مصرف لبنان المركزي دور الضامن مع المجتمع الدولي، مشيرة إلى أنه في حال حدوث حصار بحري أو بري على البلاد، سنواجه نقصاً في العملات الأجنبية مما سيجبرنا على العودة للاعتماد على الليرة. ومع هذا الوضع الاقتصادي المتردي، قد نشهد تقلبات في سعر الصرف”.

وأشارت المصادر إلى أن “الحرائق التي أضرت باقتصاد لبنان بلغت حوالي 10 مليار دولار حتى الآن. إذا لم توقع الحكومة اللبنانية اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي وتلقي المساعدات، فمن المرجح أن تتراجع قيمة الليرة لتعكس الأداء الاقتصادي الحالي”. لكنها أكدت أنه “لا خوف في الوقت الراهن على سعر الصرف، لأن الليرة لا تُستخدم بشكل فعّال في الاقتصاد”.

في المجمل، يمر لبنان بمرحلة صعبة للغاية، ويشعر الكثيرون بالخوف على العملة الوطنية، خاصة إذا تم إدراج لبنان على اللائحة الرمادية. فهل سينجح مصرف لبنان في تجاوز هذه الأزمة الكبرى والحفاظ على استقرار الليرة في ظل هذه التطورات المتسارعة؟