تحتفل المسيحيَّة بمفهوم فريد يجمع بين الإلهيَّات والتجسد، حيث تعكس بشارة الربِّ يسوع المسيح قيمًا عميقة من الخلاص والأمل للعالم أجمع. العنوان الرئيسي لرسالة المسيحيَّة هو “الله تجسَّد وبقي إلهًا، اتَّحد بالإنسان ورفعه إليه”.

تتجسد جوهر المسيحيَّة في شخص يسوع، الذي واحد في الجوهر مع الآب والروح القدس، حيث يشكل الثلاثة إلهًا واحدًا، مما يميز المسيحيَّة كخطة إلهية للخلاص في الأرض.

المؤمنون يقدمون شهادات حيَّة تتضمن صلواتهم وتراتيلهم وأفكارهم الفنية، ومن بين هذه الأفكار تبرز الأيقونات كجزء من الفنّ الكنسي.

تعتبر أيقونة عيد البشارة الإلهيَّة واحدة من الأيقونات الأكثر عمقًا، حيث يمثل عيد البشارة رأس خلاصنا، كونه يشير إلى تجسد الله في أحشاء مريم العذراء.

تتضمن أيقونة البشارة تصوير والدة الإله والملاك جبرائيل، حيث تختلف التفاصيل من أيقونة لأخرى، مثل وضعية مريم والمكان الذي تمت فيه البشارة، بالإضافة إلى مكونات خلفية الأيقونة.

تُعرف هذه الأيقونة باسم Ustyug annunciation icon، ويصل طولها إلى 238 سم وعرضها 168 سم. ترجع أصولها إلى روسيَّا في القرن الثاني عشر الميلادي، وتحديدا من مدينة Novgorod العريقة.

تتميز هذه الأيقونة بأنها نادرة حيث لم تتعرض للتدمير أو النهب أثناء غزوات المغول، حيث تم نقلها عبر الكاتدرائيَّات المختلفة، بما في ذلك كاتدرائيَّة الحكمة الإلهيَّة Saint Sophia في القرن السادس عشر، وصولاً إلى الكاتدرائيَّة في الكرملين في موسكو.

بعد تعرض الكاتدرائيَّة للأذى في عام 1918، تم نقل الأيقونة لمتحف المدينة، وانتهى بها الأمر في متحف Tretyakov الروسي عام 1930، حيث خضعت للترميم في عام 1935.

ترتبط الأيقونة بالقدِّيس بروكوبيوس الروسي، الذي عاش في القرن الثالث عشر، والذي تنبأ بهدم المدينة ودعا الشعب إلى التوبة.

تظهر الأيقونة جمالًا روحيًا مميزًا، حيث تتجلى فيها نية الله من حدث البشارة، وهو أن “الروح القدس يحلُّ عليكِ”.

التمثيل الإلهي في أحشاء مريم يعكس إيماننا بأن الله أصبح إنسانًا، مما يجعل السؤال المطروح ليس “ماذا نؤمن؟” بل “من نؤمن؟”.

هذه الفريدة من نوعها في الإيمان بالتجسد الإلهي يُعتبر من سمات المسيحيَّة، ويفهم ذلك من خلال المحبة الإلهيَّة وليس من خلال العقل البشري المحدود.

الله، الذي لا يمكن أن يتدنَّس، يبقى دومًا على قدسية عالية، وأيضًا نحن، مخلوقون على صورة الله، ندعو للتأله.

السؤال حول كيفية وجود الرب في آن واحد في السماء والأرض يُعزى لقوة الله العظيمة، وكذلك كيف يمكن أن يكون أبًا وابنًا وروحًا قدسًا إلهًا واحدًا.

تعكس المحبة اللامتناهية التي تلقيناها من الله عمق العلاقة بين الخالق والمخلوق، حيث أن القدِّيسين قد اختبروا هذه العلاقة بشكلٍ عميق.

في المسيحيَّة، لا توجد مسافات بين الخالق والمخلوق، على الرغم من أننا لا ندرك جوهره الإلهي، لكننا نتغذى من نوره غير المنفصل عنا.

ندعو الرب أن يجدد حياتنا لننشر بشارته إلى كافة أنحاء العالم.

إلى الربِّ نرفع طلباتنا.