تواصل الأوضاع في لبنان تأجيج التوترات الإقليمية، حيث يتساءل العديد عن مصير إيران منذ بداية الحرب التي تشنها إسرائيل. يبدو أن هناك اعتقادًا متزايدًا بأنها قد تخلت عن لاعبها الرئيسي، “حزب الله”. وقد تزايدت هذه المخاوف إثر الغارات المتكررة على الضاحية والبقاع وبعلبك، إضافةً إلى الهجمات المميتة على الحزب، بما في ذلك تفجير “البيجر” ومحاولات اغتيال أمين عام الحزب، السيد حسن نصر الله.

أظهرت إيران قوتها بإطلاق 250 صاروخًا نحو إسرائيل، مما يدل على تكييف استراتيجي جديد للدفاع عن نفسها. تقول أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، ليلى نقولا، إن “إسرائيل اليوم ملزمة بالرد على إيران، والأمريكيون يدركون ذلك أيضًا، لذا قاموا بتعزيز دفاعاتهم الجوية وبتنسيق أي ضربة محتملة مع طهران. إيران أخطأت في تقديراتها بشأن مصداقية الإدارة الأمريكية، فواشنطن لا ترغب في وقف العمليات الإسرائيلية.”

تعتقد نقولا، في حديثها لـ”النشرة”، أن رهانات الإيرانيين الخاطئة على الإدارة الأمريكية قد تكبدتهم خسائر كبيرة، مثل اغتيال السيد نصر الله. وتضيف “لا يزال الإيرانيون يراهنون على المفاوضات لتجنب حرب شاملة في المنطقة، لكنهم يدركون الآن واقع الإدارة الأمريكية. أمامهم خياران؛ إما اتخاذ إجراءات حاسمة أو مواجهة القتال في أراضيهم.” كما لم تفوت الإشارة إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، عن رغبته في تغيير المعادلة، مما يشير إلى استهداف المرشد الإيراني، السيد علي خامنئي.

تؤكد نقولا أن “إيران الآن تدافع عن نفسها بينما يقاتل حزب الله للحفاظ على الأراضي اللبنانية.” وتلاحظ أن “أهداف الإسرائيليين قد انخفضت، حيث كانت هناك نقاشات حول مناطق أوسع في البداية، والآن يتم التركيز على إنشاء منطقة عازلة تمتد لخمس كيلومترات خالية من السكان. إذا استمرت Israel في تكبد الخسائر، فإن سقف أهدافها سينخفض”. ويظل الأمل الآن هو عدم حدوث احتلال للمناطق اللبنانية، مما يترك لإيران الخيار للدفاع عن نظامها.

تحت هذه الظروف، يصبح موضوع الرد الإسرائيلي على إيران المحور الأساسي للموازين الإقليمية، مع اختلاف التوقعات حول نوعية الأهداف المحتملة. يوضح أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، الدكتور جمال واكيم، عبر “النشرة”، أنه “إذا تم استهداف البرنامج النووي الإيراني، فإن هناك خشية من رد فعل إيراني قد يقودهم نحو تطوير الأسلحة النووية، حيث أن القنبلة النووية تشكل قوة ردع مطلقة.” ويشير إلى أن “إذا وُجهت الضربة لبرنامجها النووي، فإن إيران تمتلك الإمكانيات البشرية لتغيير العقيدة العسكرية.”

وبالنسبة للأهداف المحتملة الأخرى، فإن استهداف المنشآت النفطية من الممكن أن يثير اضطرابًا في السوق العالمي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع سعر النفط من 70 إلى 150 دولارًا للبرميل، وهو ما ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد الغربي. وفي حال ردت إيران عبر استهداف منشآت نفطية، فقد يرتفع سعر البرميل إلى 400 دولار، مما يثير التساؤلات حول مدى تحمل الاقتصاد الغربي لذلك

بخصوص كل هذه المتغيرات، تظل التساؤلات كثيرة هل ستكتفي إسرائيل باستهداف المنشآت العسكرية؟ وماذا لو قررت إيران الرد بإطلاق 1000 صاروخ نحو هدف محدد، بدلاً من 250 صاروخًا موزعة؟ كيف يمكن ضمان عدم تحول النزاع إلى حرب إقليمية؟.