في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل ضد لبنان على مدار الأسبوعين الماضيين، شرعت السلطات السياسية والعسكرية في تل أبيب في تحديد أهداف عسكرية عالية بهدف توسيع نطاق العمليات الحربية، تزامنًا مع ما حدث خلال العدوان على غزة بعد عملية “طوفان الأقصى”. تعتبر تل أبيب أن الضربات الاستباقية التي وجهتها لحزب الله تمنحها فرصة للرهان على انتصارات جديدة.
وفي هذه السياق، قررت إسرائيل الشروع في عملية برية تحت مسمى القضاء على البنى التحتية لحزب الله في القرى الحدودية، حيث حصلت هذه الخطوة على دعم من الولايات المتحدة الأمريكية، التي أيدت هذا المسار من خلال تصريحات رسمية تنبؤ بإضعاف إيران. ومع ذلك، لم تحقق إسرائيل أي تقدم ملموس منذ بداية هذه العمليات بالرغم من عدم وجود هدف واضح كما تنص عليه الاستراتيجيات العسكرية، حيث كان الهدف هو جعل تكلفة العمليات الإسرائيلية باهظة.
من خلال المتابعة للعمليات الإسرائيلية الأخيرة في لبنان، بات واضحًا أن إسرائيل تفتقر إلى أهداف عسكرية حقيقية، حيث انتقلت إلى استخدام أساليب تكريس وصف الإرهاب، كما حدث في قطاع غزة. حيث شهدنا استهدافات منهجية للطواقم الطبية وتدمير المباني السكنية، مما أدى إلى فراغ كبير في مناطق مثل الضاحية الجنوبية. يبدو أن الهدف في هذه المرحلة هو التدمير الشامل، دون اعتبار لحياة المدنيين أو الأوضاع الإنسانية.
في هذا الإطار، يمكن الاستدلال على أن الهدف الرئيسي هو زعزعة البيئة المحيطة بحزب الله، متكرراً كأنماط الحروب السابقة، خاصة حرب تموز 2006، رغم أن إسرائيل يجب أن تكون قد تعلمت دروساً من نتائج هذه الأفعال. توجه تل أبيب جهدًا كبيرًا نحو الحرب النفسية لاستنهاض ترددات داخل تلك البيئة، تكون بمثابة اختبار لقدرة الحزب على الصمود.
وسط هذه التطورات، يطرح الكثيرون تساؤلات عن دور المجتمع الدولي في مواجهة التصعيد الصهيوني الذي تجاوز كل الحدود. تشير التجارب السابقة في غزة، إلى عجز المجتمع الدولي عن ممارسة أي ضغط فعّال على تل أبيب، التي تواصل انتهاج سياسة تهميش حقوق الإنسان والقانون الدولي. تظل الولايات المتحدة هي العنصر الأساسي الذي يمكن أن يوقف الإرهاب المنظم الذي يمارسه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أن ذلك يستدعي التراجع عن الاعتقاد في إمكانية تحقيق أي “انتصار” لها.
في الختام، يظهر أن تل أبيب كانت الجهة الوحيدة التي اتخذت قرارًا بتصنيف أمين عام الأمم المتحدة شخصًا غير مرغوب فيه، بفعل مواقف أنطونيو غوتيرس الداعية إلى الحلول السلمية والرافضة لجرائمها، مما يعكس نواياها في الاستمرار في الإرهاب دون رادع أو محاسبة، طالما أنها تتمتع بدعم أمريكي مطلق.