يعيش لبنان حالياً أياماً عصيبة، حيث توقفت معظم قطاعات العمل، ويبدو أن هذا الوضع قد يستمر لعدة أشهر قادمة. ما زال المصير الأمني في البلاد مجهولاً، ما بين قرب تحقيق السلام وزيادة حدة الأزمة. في ظل هذه الظروف، يجد المواطن نفسه في حيرة بين محاولة استكمال حياته قدر الإمكان، أو اتخاذ قرار بالتوقف عن كل شيء.
يستمر العديد من الفنانين في تقديم حفلاتهم، مما يعرضهم للكثير من الانتقادات. ومع ذلك، إذا نظرنا إلى الوضع بمنظور موضوعي، نجد أن هذا المجال هو مصدر رزقهم. التحيات التي تصاحب معظم حفلاتهم تؤكد أن الفنانين لم يتخلوا عن وطنهم، بل يحملونه في قلوبهم وأفكارهم باستمرار.
في سياق ذلك، يتضح أن الفنان اللبناني راغب علامة، الذي تم اتهامه بالتقصير تجاه بلده بعد تقديمه لحفله الأخير، كان يحاول دعم مدرسته “سان جورج” التي تعرضت للتدمير مؤخراً. إذا اعتذر علامة عن حفله، فمن سيتكفل بدفع مستحقات المعلمين في مدرسته وإعادة ترميم المدرسة؟ رغم مسؤوليته عن هذا الأمر، فقد اختار عدم الإفصاح عنه. كما أن التكاليف الشخصية لجعل علامة كبيرة لا تقتصر فقط على عائلته الصغيرة، بل تشمل احتياجات عائلته الكبيرة أيضاً. وكان قد ساهم جزءاً من عائدات حفله في تقديم المساعدة للنازحين في بيروت، بهدف شعورهم بالأمان.
من جانبها، الفنانة اللبنانية إليسا التي اعتذرت سابقاً عن إحياء حفلة، انتظرها الجمهور لتعلن عن بدء حفلاتها لتتعرض لانتقادات. ومع ذلك، قررت افتتاح حفلتها بكلمة عن لبنان. الوطنية ليست مجرد كلمات أو شعارات، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل ستبقى الأفعال متسقة مع الأقوال عندما تشتد الأزمات؟ كما أن التساؤل حول حفل Joy Awards بعد شهر من الآن هل سيعتذر المنتقدون عن التكريم، أم سيتدفقون للاحتفال بنيل تكريمهم أمام الجمهور؟
تؤدي عدم اليقين بشأن المستقبل وصعوبة العيش إلى شعور دائم بالقلق والتوتر، وهذا يعد من الأسباب الرئيسية للاستمرار والعمل في كل الظروف. لذا يجب أن يكون الموقف دائماً مدروساً وعقلانياً، يعبر عن الحكمة بدلاً من اتخاذ ردود أفعال غير مدروسة تثير الضجيج دون معنى.