أفادت مصادر محلية أن الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة أسفرت عن سقوط أكثر من 2500 شهيد، فضلاً عن آلاف الجرحى، مع استمرار الدمار في المنازل بشكل كامل أو جزئي. كما طالت هذه الاعتداءات المنشآت الصحية والاجتماعية علاوة على دور العبادة الإسلامية والمسيحية على حد سواء.

وانتقد مراقبون سلوك الحكومة الإسرائيلية، مشيرين إلى أنها تعمل دون وازع أخلاقي، متجاوزة بذلك القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي. وقد تساءل الكثيرون عن دور الإعلام في تغطية الجرائم والانتهاكات الممنهجة التي تقوم بها هذه الدولة، التي اعتبرت عنصرية تُمارس إلغاء الآخر في سبيل تأمين تفوقها في منطقة لطالما دعمتها القوى الغربية بأسلحة فتّاكة.

لا نريد الدخول في تفاصيل أسباب هذه الحرب وأبعادها المعقدة، بل نود تسليط الضوء على أمر قد ينساه الكثيرون بسبب تتابع الأحداث ووضوح الوضع المعقد، وهو أن إسرائيل منذ تشكيل كيانها في قلب الدول العربية كانت تهدف إلى طرد الفلسطينيين، سواء المسلمين أو المسيحيين، من أراضيهم. هذه الأراضي التي تضم معالم دينية مهمة مثل كنيسة القيامة والمسجد الأقصى، وفيها وُلد السيد المسيح وعاش ومات ثم قام.

وتواصل إسرائيل تطبيق سياسة التهجير القسري، حيث تعرض ملايين الفلسطينيين للتهجير، وكان عدد كبير منهم قد لجأ إلى لبنان والأردن وسوريا ودول عربية أخرى. وفي الوقت الراهن، تسعى إسرائيل إلى نقل مليون ونصف من الفلسطينيين إلى سيناء، ولكن مصر تقف بحزم ضد هذه المحاولات. يُطرح سؤال حول مدى قدرة القاهرة على مواجهة الضغوطات المتزايدة.

أما الضفة الغربية، فرغم انشغال العالم عن مآسٍ فيها، فإنها تتعرض لمجازر فظيعة وتضييق كبير على الفلسطينيين. هناك مخاوف من أن يأتي اليوم الذي تنضج فيه الظروف لترحيلهم إلى الأردن. وهذا يثير القلق بعد الجهود الكبيرة التي يبذلها الملك عبدالله لمنع تحقيق هذا السيناريو المرير.

في هذا السياق، تبقى قضية عرب 1948 العالقين على الساحة، حيث تُظهر الأمور أن تل أبيب لا ترغب فيهم رغم حصول بعضهم على الجنسية الإسرائيلية وشغلهم لمناصب في الكنيست وخدمة في الجيش. يُخشى أن يأتي دورهم ليُهجَّروا إلى لبنان، مما يزيد المآسي تعقيدًا.

تظهر الأهداف الاستراتيجية للحرب الإسرائيلية، التي تُدار بالشراكة مع الولايات المتحدة، في محاولة لتغيير المعادلات في الشرق الأوسط، خصوصًا عبر إضعاف محور المقاومة. إن تحقيق “دولة يهودية” تمتد من البحر إلى النهر يمثل هاجسًا يؤرق الحكومات الإسرائيلية المتتابعة.

الأهم أن تعي القوى الدولية والمحلية خطورة الأوضاع وأن لا يتم السماح لإسرائيل بتطبيق خططها الاستيطانية. برفضها لحل الدولتين، وضعت المعركة في إطارٍ يُشكل تهديدًا دائمًا لكل فلسطيني يرفض مغادرة أرضه، مما يجعل الحرب مستمرة بلا حدود زمنية أو مكانية.

*نقيب محرري الصحافة اللبنانية