أفادت صحيفة “هآرتس” في تقريرها يوم الأحد بأن فرص التوصل إلى اتفاق سياسي قد انخفضت بشكل كبير، لا سيما بعد توقف المحادثات الدولية. كما أن الحكومة لم تعقد أي جلسات نقاش مع القيادات الأمنية حول ملف الأسرى منذ فترة طويلة.
وفي تصريحات لضباط ميدانيين، أكدت الصحيفة أن قرار القيام بعملية برية جديدة شمال قطاع غزة اتُّخذ دون نقاشات موسعة، حيث يبدو أن الهدف هو الضغط على سكان غزة الذين يحثهم الجيش الإسرائيلي على النزوح مجددًا نحو الساحل مع اقتراب فصل الشتاء.
هؤلاء الضباط يشيرون إلى احتمال أن تكون هذه الخطوة تمهيدًا لتنفيذ “خطة الحصار والتجويع” التي طرحها الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند، التي تنص على إخلاء سكان شمال القطاع إلى مناطق إنسانية في الجنوب، بينما يُعتبر من يختار البقاء في الشمال جزءًا من عناصر حماس ويُستهدف.
تؤكد الخطة أن “إسرائيل ستسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الجنوب، بينما يتعرض سكان الشمال للتجويع في حال قرروا البقاء”. وقد أعرب المسؤولون عن قلقهم من أن “خطة آيلاند” لا تتماشى مع القانون الدولي، وأن الدعم الأمريكي والدولي لها قد يكون ضعيفًا للغاية، مما قد يؤثر على شرعية استمرار الصراع في غزة.
وفقًا للتقارير، كان الجيش الإسرائيلي يستعد لتنفيذ عملية توغل واسعة شمال البلاد، ولكن بعد فشل المحادثات حول تبادل الأسرى، تم تغيير الاستراتيجية نحو “الجبهة الشمالية” مع حزب الله. ورغم عدم توفر معلومات استخباراتية لتبرير هذه الخطوة، انطلقت الفرقة 162 بعملية عسكرية شاملة في منطقة جباليا شمال قطاع غزة.
ولفتت الصحيفة إلى عدم وجود إجماع بين كبار الضباط بشأن إطلاق هذه العملية، حيث يعتقد البعض أن الخطوة قد تعرض حياة الأسرى للخطر. وكان هناك تحذيرات من اكتشاف أن ستة أسرى قُتلوا برصاص عناصر حماس عندما اقتربت القوات الإسرائيلية من مواقع احتجازهم.
مصادر مقربة أكدت أن “الجنود في جباليا لم يواجهوا مقاومة مباشرة من مقاتلي حماس”. وينسب الضغط لتنفيذ العملية إلى قائد المنطقة الجنوبية يارون فينكلمان، مع اقتراب الذكرى السنوية للحرب.
تشير التقديرات الاستخباراتية إلى وجود حوالي 4000 فلسطيني يُعتقد أنهم ينتمون لحماس في شمال القطاع، مع توقعات بأن العدد أكبر في الجنوب. وعلى الرغم من تدمير قوة لواء رفح كليًا، فر العديد من المقاتلين من الميدان قبل دخوله الجيش الإسرائيلي.
تُظهر التقديرات أيضًا وجود عناصر إضافية من حماس في معسكرات وسط القطاع التي لم تشهد عمليات برية إسرائيلية حتى الآن. ويشدد كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على الحاجة الملحة إلى تدخل دولي لتولي شؤون غزة، إلا أن القيادة السياسية رفضت حتى الآن جميع المقترحات المطروحة.
ووفقًا للصحيفة، فإن حماس أنشأت وحدة شرطية تُعرف باسم “قوة السهم” لتعمل ضد أي محاولات لزعزعة سيطرتها. وترى أن أكبر ضغوط الحركة تأتي من الوضع الإنساني المتدهور، مما قد يؤدي إلى احتمال تمرد شعبي. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن حماس ستستمر في السيطرة حتى بعد انتهاء الحرب، ما يثني السكان عن الحديث ضدها.
يعتبر المسؤولون الأمنيون أن حماس تسعى لمنع المدنيين من الاستجابة لأوامر إخلاء الجيش الإسرائيلي، ومع ذلك، يفر معظمهم طلبًا للأمان. ولكن، بعد تكرار النزوح عدة مرات، أصبح الكثيرون أكثر رغبة في البقاء في مناطق القتال.
تُشدد المؤسسة الأمنية على أن السيطرة المدنية لحماس تشكل تحديًا أكبر من الجانب العسكري. ورغم الضغوط، يظل اعتماد السكان على حماس مرتفعًا، لاسيما جراء دورها في توزيع المساعدات الإنسانية، مما يزيد رغبة البعض العمل معها رغم عدم موافقتهم على أيديولوجيتها.
المصدر وكالات