دراسة تكشف التغيرات في جذع الدماغ لدى مرضى “كوفيد-19”

يعتبر جذع الدماغ أو ساق المخ ممرًا حيويًا لنقل المعلومات داخل الجسم، حيث يربط المخ، والمخيخ، وسائر أجزاء الجسم. يلعب جذع الدماغ دورًا رئيسيًا في التحكم بالعمليات الحيوية الأساسية مثل تنظيم ضربات القلب، والتنفس، والنوم، والأكل.

وفي دراسة جديدة، استخدم العلماء أجهزة مسح تصوير بالرنين المغناطيسي المتقدمة لفحص حالات مرضى “كوفيد-19” الذين تم إدخالهم إلى المستشفيات، وقد أظهرت النتائج تغييرات دماغية طويلة الأمد.

أفاد الباحثون أن هذه التغيرات قد تعود إلى استجابة مناعية للفيروس. ويختبر العديد من المرضى تحسنًا ملحوظًا في بضعة أيام أو أسابيع، لكن هناك من يستمرون في مواجهة أعراض متنوعة لفترات أطول.

الحالة المعروفة باسم “كوفيد طويل الأمد” يمكن أن تسبب أعراضًا تشمل التعب المفرط، وضيقا في التنفس، وضبابية الذهن، ودوارا، بالإضافة إلى خفقان القلب وآلام العضلات.

استعان العلماء في جامعة كامبريدج بتقنية المسح 7-Tesla المتقدمة لإظهار تفاصيل دقيقة للدماغ النشط. وصرحت الدكتورة كاتارينا روا، من قسم علوم الأعصاب السريرية بالجامعة، قائلة “العمليات في جذع الدماغ وحوله أساسية لجودة الحياة. لكن كان من الصعب مسح الالتهابات في نوى جذع الدماغ نظرًا لصغر حجمها وتعقيد موقعها، وعادة لا يستطع العلماء دراسة هذه المنطقة إلا بعد الوفاة”.

شملت الدراسة 30 مريضًا من “كوفيد-19” تم إدخالهم المستشفى، وتم مقارنة نتائجهم مع 51 شخصًا لم يكن لديهم تاريخ إصابة سابق.

أظهرت النتائج وجود تشوهات في مناطق متعددة من جذع الدماغ، التي تربط الدماغ بالحبل الشوكي وتساعد في تنظيم الوظائف الحيوية. ولوحظت هذه التغيرات بعد أسابيع من دخول المرضى المستشفى بسبب “كوفيد-19″، وخاصة في المناطق المسؤولة عن التنفس.

وأشار الباحثون إلى أن “الأعراض المستمرة قد تكون نتيجة غير مباشرة للالتهاب الذي يصيب جذع الدماغ بعد انتقال الفيروس”. وذُكر أن هذه التغيرات كانت أكثر شدة في المرضى الذين قضوا فترات أطول في المستشفى وعانوا من “كوفيد-19” شديد.

أضافت الدكتورة روا “تشوهات الدماغ المرتبطة بالتنفس تشير بقوة إلى أن الأعراض طويلة الأمد هي تأثيرات للالتهاب النابع من جذع الدماغ بعد الإصابة بكوفيد-19، وهذه التأثيرات تتجاوز عوامل العمر والجنس، وتظهر بصورة أوضح لدى المصابين بأشكال حادة من المرض”.

وفي سياق متصل، أوضح البروفيسور جيمس رو، الذي شارك في الدراسة، أن “الصحة العقلية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة الدماغ. وأولئك الذين أظهروا استجابة مناعية أكبر شهدوا مستويات أعلى من الاكتئاب والقلق. كما أن التغيرات في جذع الدماغ نتيجة كوفيد-19 قد تؤدي إلى نتائج سلبية في الصحة العقلية بسبب الارتباط بين الصحة البدنية والعقلية”.

وأشار البروفيسور رو إلى أن النتائج، التي نُشرت في مجلة Brain، قد تسهم في تطوير علاجات أكثر فعالية “لكوفيد طويل الأمد”. وخلص إلى القول “جذع الدماغ هو منطقة تقاطع حاسمة بين وعينا وما يحدث في أجسادنا. القدرة على رؤية وفهم كيفية تغير جذع الدماغ استجابة لكوفيد-19 ستساعد في تفسير وعلاج التأثيرات طويلة الأمد بشكل موسع”.

المصدر إندبندنت