قادت معركة بلاط الشهداء التي دارت في القرن الثامن بين جيش المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقي وجيش الفرنجة بقيادة شارل مارتيل، إلى أحداث تاريخية غيرت معالم الفتوحات الإسلامية في قارة أوروبا. كان الغافقي قائدا عسكريا بارعا تولى الأندلس مرتين، وكان ذلك خلال فترة الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك.

أما شارل مارتيل، المعروف بـ “المطرقة”، فكان قائدا عسكريا بارزا يسيطر فعلياً على مملكة الفرنجة في ذلك الوقت.

وقعت معركة بلاط الشهداء، المعروفة أيضاً باسم معركة بواتييه في المصادر الأوروبية، بالقرب من مدينة “تور” في وسط غرب فرنسا، على مسافة قريبة من العاصمة باريس.

تُشير التقديرات إلى أن الغافقي قاد جيشًا من المسلمين يتراوح عدده بين 20 و50 ألف مقاتل، حيث اعتبر هذا الجيش الأكبر في تاريخ الإسلام الذي عبر جبال البرانس بين إسبانيا وفرنسا.

تفاصيل المعركة تكشف عن تقدم مفارز من جيش عبد الرحمن الغافقي نحو نهر لوار في عام 732، حيث تمكنوا من هزيمة القوات المحلية بسهولة.

استنجد أمراء المنطقة بشارل مارتيل، الذي كان يشغل منصب “عمدة القصر” لدى ملوك الفرنجة، وجمع قوات كبيرة للاستجابة لهذا الطلب. اختار مارتيل موقع المعركة بحكمة، حيث كان سهلًا مرتفعًا محاطًا بالأشجار قرب مدينة “تور”.

اعتمدت خطة مارتيل على دفع المسلمين للهجوم في محاولة لإجبارهم على الانتقال إلى المواقع المرتفعة، مما يُحجم قوات الفرسان في جيش المسلمين.

على مدى سبعة أيام، كانت هناك مناوشات بين الجيشين بينما كان الجانبان يحاولان استكشاف نقاط ضعف بعضهما البعض.

عندما بدأت المعركة في اليوم السابع، انطلقت قوات الفرسان للمهاجمة. ومع ذلك، كانت الأمور لصالح الفرنجة بعد أن نجحوا في مهاجمة مؤخرة جيش المسلمين، ما أدى إلى انشغال العديد من المقاتلين بحماية عائلاتهم.

على الرغم من محاولات الغافقي لترتيب صفوف جيشه، إلا أنه أصيب بسهم وسقط صريعًا. ومع حلول الليل، توقف القتال، حيث ظن الفرنجة أن المعركة ستستأنف في اليوم التالي.

لكن في صباح اليوم التالي، تفاجأ الفرنجة بعدم ظهور مقاتلي الأندلس في ساحة المعركة، مما كشف عن تراجع المسلمين وتركهم لمواقعهم.

تُعتبر معركة “بواتييه” واحدة من أكثر المعارك دموية وأهمية في تاريخ الفتوحات الأموية. حيث اعتبر المؤرخون أن هزيمة المسلمين في تلك المعركة كانت نقطة تحول أدت إلى تراجع الإسلام في أوروبا.

المؤرخ الإنجليزي إدوارد جيبون أشار إلى أن “لولا انتصار الأوروبيين، لكان القرآن يُدرس في أكسفورد الآن”.

وعلى الرغم من أن معركة بواتييه لم تكن نقطة تحول نهائية وفقاً لبعض المؤرخين، إلا أن المسلمين استمروا في السيطرة على عدة مناطق في جنوب فرنسا بعد المعركة.

المصدر RT